غزة/ دعاء الحطاب:
لا تزال حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة بزعامة بنيامين نتنياهو في سباق مع الزمن، لسن قوانين وقرارات تُمكنها من فرض سيادتها وسيطرتها الكاملة على أراضي الضفة الغربية، والذي كان أخرها مشروع قانون ضم الضفة لصالح الكيان الإسرائيلي.
وانطلاقاً من اعتبار إقامة دولة فلسطينية خطراً وجودياً على "إسرائيل"، صادق الكنيست الإسرائيلي، أمس، بالمناقشة التمهيدية على مشروع قرار يهدف رسمياَ لفرض السيادة على الضفة الغربية المحتلة، بغية السيطرة على ما يسميها الاحتلال بـ "يهودا والسامرة".
وفي أول تعليق له على القرار، قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير إن "وقت فرض السيادة على الضفة حان الآن".
كما اعتبر حزب الليكود الذي يقود الائتلاف الحكومي -في بيان له- أن السيادة الحقيقية على الضفة لن تتحقق بما وصفته "قانونا استعراضيا يهدف للإضرار بعلاقاتنا مع واشنطن وبالإنجازات التي تحققت".
وأضاف "نحن نعزز الاستيطان يوميا بالأفعال وبالميزانيات وبالبناء وبالصناعة وليس بالكلام".
ويدفع العديد من أعضاء الحكومة الإسرائيلية باتجاه فرض السيادة على الضفة، مما سيتسبب في الحيلولة دون قيام الدولة الفلسطينية.
وفي وقت سابق، قالت الإذاعة الإسرائيلية، إن حكومة الاحتلال تخشى أن يؤدي تمرير قانون تعزيز احتلال الضفة إلى إشعال أزمة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وكان الكنيست أيّد في 23 يوليو/تموز الماضي مقترحا يقضي بضم الضفة الغربية، بأغلبية 71 نائبا من إجمالي 120.
وكانت صحيفة تايمز أوف إسرائيل، قد نقلت نهاية سبتمبر/أيلول الماضي عن مسؤول إسرائيلي "أن إدارة الرئيس ترامب حذرت تل أبيب سرا من ضم الضفة الغربية المحتلة ردا على قرار العديد من الدول الغربية الاعتراف بدولة فلسطين".
وأشار المسؤول الإسرائيلي الذي وصفته الصحيفة بالكبير، أن تل أبيب لا ترى أن هذا التحذير يمثل "نهاية النقاش"، وأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية– يعتزم مناقشة الأمر مع ترامب.
سياسة استعمارية ممنهجة
الكاتب والمختص بالشأن السياسي عماد عواد، أكد أن مصادقة الكنيست الاسرائيلي على مشروع قانون ضم الضفة الغربية المحتلة، يشكل إعلانا رسمياً بمواصلة حرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني، وتورطاً مباشراً للمؤسسة الإسرائيلية في جريمة الضم والاستيطان.
وأوضح عواد خلال حديثه لـ "الاستقلال" أن هذا القرار يأتي ضمن سياسة استعمارية ممنهجة لشرعنة الاحتلال وتقطيع أوصال الأرض الفلسطينية، ومنع قيام دولة فلسطينية مستقلة.
ونوه إلى أن الضم العملي للضفة الغربية تم منذ سنوات طويلة، فإسرائيل تُسيطر على كافة المناطق التي تريدها من خلال إقامة المستوطنات وتوسيع القائم منها، مبيناً أن خطورة قانون الضم تكمن باعتبار هذه الأراضي جزءا لا يتجزأ من "اسرائيل"، بالتالي نسف كافة الحلول السياسية وتقويض لحل الدولتين وحق الفلسطينيين بإقامة دولة المستقلة.
وشدد على أن القانون من شأنه أن يؤسس لمرحلة الفصل العنصري ومستقبل التطهير العرقي في فلسطين، والتهجير القسري والناعم الذي يجري حالياً في المناطق المصنفة (ج)، كما يؤسس بالمستقبل البعيد إلى تجوير كافة المعالم بالضفة الغربية أبعد مما عليه الآن.
وأشار إلى أن أقطاب الصهيونية الدينية والأحزاب المتطرفة واليمين كله، بما في ذلك حزب المعارضة، جميعهم يعتقدون أنه حان الوقت لضم الضفة، وعدم تحقيق ذلك بالنسبة لهم علامة ضعف أمام الجمهور الإسرائيلي، وإثبات أن "إسرائيل" تحت وصاية أمريكية، خاصة أن إدارة الرئيس ترامب حذرت تل أبيب سرا من ضم الضفة الغربية.
يهدد الوجود الفلسطيني
واتفق المختص بالشأن الإسرائيلي عصمت منصور مع سابقه، بأن الاحتلال يمضي عملياً بتنفيذ مشروع الضم على الأرض، متجاوزاً القوانين والقرارات الدولية، عبر نهب الأراضي وتقطيع أوصال الضفة، وإقامة الحواجز ومصادرة الممتلكات، وإفقار السكان والتضييق عليهم، موضحاً أن تصويت الكنيست الأخير، يعكس توجهه لحسم الصراع نهائيا، واجهاض إمكانية حل الدولتين.
ورجح منصور، أن ملابسات إقرار القانون قد تكون مرتبطة بالمناكفات الداخلية، ومحاولة إحراج رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، لكن ذلك لا يقلل من خطورة هذا التوجه، إذ بات يشكل تهديداً جدياً، ليس فقط لمبدأ حل الدولتين، بل للوجود الفلسطيني برمته.
وبين أن المضي قدماً بترسيخ مشروع الضم من شأنه اشعال مواجهة ميدانية أخطر من المواجهة السياسية أو القانونية، مؤكداً أن الصمود على الأرض وتعزيز وجود الفلسطينيين، وتقوية السلطة، وإجراء إصلاحات تعيد ثقة الناس بها وتدفعهم للالتفاف حولها، الخطوة الأهم لتمكينهم من البقاء والتصدي للمستوطنين.
ودعا الدول العربية التي حصلت على تعهد من ترامب، لتجديد التزامه، والضغط على نتنياهو، لضمان صدور موقف أميركي صريح وحازم ضد الضم.
جريمة دولية
ومن جانبه، اعتبر رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد"، د. صلاح عبد العاطي، أن تصويت الكنيست الإسرائيلي على فرض السيادة على الضفة الغربية، جريمة دولية وانتهاكا صارخا لقواعد القانون الدولي الانساني وقرارات الشرعية الدولية، وخاصة قرارات مجلس الأمن (242) و(338) و(2334)، وباقي قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة وقرارات محكمة العدل الدولية.
ويرى عبد العاطي خلال حديثه لـ "الاستقلال"، أن هذا الإجراء يُكرس نظام الفصل العنصري والضمّ الاستعماري، ويُهدد بتفجير الأوضاع وتقويض أي أفق لإقامة الدولة الفلسطينية.
وثمن المواقف العربية والدولية التي أدانت هذا المسار الخطير الذي يهدف لشرعنة الوقائع التي تكرسها حكومة الاحتلال الاسرائيلي، داعياً إلى تحويل الإدانات إلى خطوات عملية تضمن فرض المقاطعة والعقوبات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية ومساءلة قادة الاحتلال الاسرائيلي أمام المحكمة الجنائية الدولية وباستخدام مبدا الولاية القضائية.
قانون "ضم الضفة".. تهديد فعلي أم مناورة سياسية؟

تقارير وحوارات
التعليقات : 0